يشهد ملف الفنان اللبناني الشهير تطورات سريعة منذ تسليمه نفسه إلى السلطات اللبنانية في أوائل أكتوبر 2025. بعد أكثر من 12 عامًا من الاختباء داخل مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا، أصبح شاكر محور نقاشات حادة حول العدالة، السياسة، والفن. هذه القضية، التي تعود جذورها إلى أحداث عبرا عام 2013، تكشف عن تعقيدات الواقع اللبناني، حيث تتقاطع الاتهامات الأمنية مع الدفاع عن الحقوق المدنية.
وفي اخر مستجدات التحقيق كشف تقرير لقناة الـ MTV اللبنانية أن حضر صباح الاربعاء الى جلسة الاستجواب التمهيدية لدى رئيس محكمة الجنايات القاضي بلال ضناوي والتي خصصت للدعوى المقدمة ضد والشيخ احمد الاسير واخرين بتهمة تهديد مسؤول في سرايا المقاومة التابعة لحزب الله قبل اربعة عشر عاما.
يذكر ان هناك اربعة قضايا اخرى في المحكمة العسكرية ضد بتهم مختلفة ومن المتوقع ان تحدد جلسة اولى في نهاية تشرين الاول او بداية تشرين الثاني وبحسب التقديرات فإن القضايا بحق تحتاج الى وقت لا يقل عن سبعة اشهر للبت بها.
وبحسب تقرير الـ MTV فإن خلاصة اليوم الاول لفضل شاكر امام القضاء اللبناني انه لا توجد تسوية او تدخلات سياسية انما محاكمة تحت ظل العدالة تحت سقف العهد الجديد.
خلفية القضية: من نجم الغناء إلى المطلوب للعدالة
فضل عبد الرحمن شمندر، المعروف فنيًا باسم فضل شاكر، ولد في 1 أبريل 1969 في صيدا، لأب لبناني وأم فلسطينية. اشتهر شاكر في التسعينيات والعقد الأول من الألفية الجديدة بأغانيه الرومانسية التي لاقت نجاحًا كبيرًا في العالم العربي، مثل "يا مجنون" و"حبيبي". كان يُلقب بـ"نجم الغناء اللبناني"، ووقّع عقودًا مع شركات إنتاج كبرى مثل "الخيول".
لكن مسيرته الفنية انقطعت في 2011، مع اندلاع الثورة السورية. أعلن شاكر تأييده العلني للمعارضة السورية، وانتقد نظام بشار الأسد بشدة، معتبرًا إياه مسؤولاً عن قمع السنة. في تلك الفترة، اقترب من الشيخ أحمد الأسير، زعيم حركة إسلامية متشددة في صيدا، وأصبح يُدعى لإلقاء خطب دينية في تجمعاته. في يونيو 2013، اندلعت اشتباكات دامية في عبرا (ضاحية صيدا) بين أنصار الأسير وقوات الجيش اللبناني، أسفرت عن مقتل 18 جنديًا وعدد من المدنيين، بالإضافة إلى إصابات ودمار واسع.
خلال الاشتباكات، نشر شاكر فيديو على يوتيوب يدعو فيه إلى القتال، ويصف أعداءه بـ"الخنازير والكلاب"، مشيرًا إلى "جثتين متعفنتين" انتزعتهما من الجيش – إشارة واضحة إلى جثث جنود. نفى شاكر لاحقًا أي مشاركة مباشرة في القتال، معتبرًا نفسه ضحية "تصفية حسابات سياسية". هرب إلى مخيم عين الحلوة، حيث توارى عن الأنظار لأكثر من عقد، محافظًا على نشاط فني محدود عبر إصدارات موسيقية متفرقة.
الأحكام الغيابية والملاحقة القضائية
بعد هروبه، أصدرت المحكمة العسكرية اللبنانية أحكامًا غيابية بحقه. في 2017، حُكم عليه بالسجن 15 عامًا مع الأشغال الشاقة، بتهمة "مساندة إرهابيين والاعتداء على الجيش"، مع تجريده من حقوقه المدنية. في 2020، أضافت المحكمة حكمين آخرين: الأول 15 عامًا بتهمة "التدخل في أعمال إرهابية عبر تقديم خدمات لوجستية"، والثاني 7 أعوام مع غرامة مالية بتهمة "تمويل جماعة الأسير وشراء أسلحة وذخائر". بلغ إجمالي العقوبة 22 عامًا.
وُجهت إليه اتهامات بالتحريض، الدعم المالي واللوجستي للجماعة، والانتماء إلى تنظيم إرهابي. أكد شاكر في بياناته السابقة براءته، مشيرًا إلى أنه "لم يطلق رصاصة واحدة على الجيش"، وأن اتهاماته ناتجة عن "انجرافه خلف خطاب ديني متطرف" الذي ابتعد عنه لاحقًا.
في 4 أكتوبر 2025، أعلن الجيش اللبناني أن شاكر سلم نفسه طوعًا إلى دورية من مديرية المخابرات عند مدخل مخيم عين الحلوة، بعد "سلسلة اتصالات بين الجيش والجهات المعنية". جاء التسليم بعد ضغوط داخل المخيم من جماعات متشددة، ووساطة من دولة خليجية غير معلنة، بهدف "تسوية شاملة" لإنهاء الملاحقات.